
لبنان بين التاريخ والمستقبل: عهد الأفعال والانتصار المشترك
لبنان اليوم في مفترق طرق تاريخي. وهو يواجه تحديات ضخمة تحتاج إلى إرادة حقيقية وعزيمة غير قابلة للانكسار. ولكن لا بد أن نتذكر جميعًا أننا لم نصل إلى هذه اللحظة بسهولة، ولا يمكننا أن ننسى أبدًا تضحيات أجدادنا الذين سطروا بدمائهم ملامح هذا الوطن. نحن اليوم نسلّم المشعل إلى قيادتنا الجديدة، فخامة الرئيس جوزيف عون ودولة الرئيس نواف سلام، ونحن على يقين أنهم سيحملون هذه المسؤولية بكل فخر وكرامة.
لبنان الذي نعرفه اليوم هو نتيجة مئات السنين من الصراع والتحديات، ولكنه أيضًا بلد مليء بالأمل والتضحيات. لا يمكننا أن ننسى ما قدّمته الأجيال السابقة، من المقاومين في معركة الاستقلال إلى الذين ضحّوا من أجل الحفاظ على وحدة لبنان في لحظات الظلم والاضطهاد. هؤلاء الأبطال هم من علمونا أن لبنان لا ينهار أبدًا مهما تعرّض للمحن.
اليوم، ونحن نرى لبنان يخطو خطواته الأولى نحو النهوض من جديد تحت قيادة فخامة الرئيس جوزيف عون ودولة الرئيس نواف سلام، يجب أن نضع نصب أعيننا أن هذه اللحظة هي لحظة تاريخية بامتياز. إنها ليست فقط لحظة لاختيار القيادة، بل لحظة حاسمة لتأكيد أن لبنان سيبقى قويًا، ثابتًا، ومتماسكًا. نحن لا نخون تضحيات أجدادنا، ولا نساوم على قيمنا. نحن اليوم على العهد الذي قطعناه مع لبنان، وفي قلبنا إيمان راسخ بأن الأمل سيعود، وأن لبنان سيكون كما أراده أجدادنا: شامخًا، حرًا، ومستقلاً.
وفي هذه اللحظة الحاسمة، ووفقًا لما تم نشره في مجلة الاعتبار، يتوجب علينا أن نعي أن ما نعيشه اليوم هو نتيجة تضحيات أجيال سابقة ومخاضات عسيرة مر بها لبنان. أنتم اليوم، أيها الرئيس جوزيف عون، أيها الرئيس نواف سلام، تحملون عبء هذا التاريخ، ويعتمد عليكم الشعب اللبناني لاستعادة العزة والكرامة، ويثق في أنكم ستكونون على قدر المسؤولية التي أنيطت بكم.
فخامة الرئيس، دولة الرئيس، نحن اليوم معكم كما كنا دائمًا مع كل من يسعى للنهوض بلبنان. نعلم أن هذا الوطن بحاجة إلى القيادة التي لا تخشى اتخاذ القرارات الصعبة، إلى تلك القيادة التي تجعل الأفعال هي المعيار الأول، والتي تكون قادرة على تحويل الوعود إلى واقع ملموس. لأننا كما علمتنا تجربتنا، أن التغيير يبدأ عندما نضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، وعندما يكون العمل الجاد هو المحرك الأول لكل خطوة نخطوها.
لبنان اليوم في قلب المعركة من أجل استعادة قوته، معركة لا تقتصر فقط على النهوض الاقتصادي أو الإصلاحات السياسية، بل هي معركة لإعادة بناء الثقة بين الشعب ومؤسساته. إنها معركة لمستقبل وطن كان دائمًا في طليعة العالم العربي والعالم أجمع. إننا اليوم بحاجة إلى إصلاحات حقيقية، ولحظات حاسمة من القيادة التي تدرك تمامًا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها. وها نحن اليوم ننتظر النتائج، لا الأقوال.
لكن من يتذكر تاريخ لبنان يعلم أن لبنان لا يمكن أن يُهزم، ولا يمكن لأي أمة أن تقضي على إرادة هذا الشعب. لقد مرت على لبنان فترات عصيبة من الاحتلالات والمشاكل الداخلية، لكنه دائمًا كان ينهض من جديد بفضل إيمان الشعب اللبناني وإرادته الحديدية. لذلك، لا بد لنا من أن نتذكر أن ما نعيشه الآن ليس سوى مرحلة في تاريخ طويل من الكفاح.
نحن اليوم نتطلع إلى عهد جديد من الأمل. عهد الأفعال التي تترجم في الواقع، عهد الإصلاحات الحقيقية التي تعيد للبنان مكانته بين الأمم. ونحن اليوم ندعم بكل قوتنا فخامة الرئيس جوزيف عون ودولة الرئيس نواف سلام، لأننا على يقين أنهم يشاركوننا هذا الطموح وهذه الرؤية من أجل لبنان جديد. لكن، هذه الرحلة تتطلب منا جميعًا أن نكون جزءًا من هذا التغيير، أن نساهم بأفعالنا، وأن نلتزم بالعمل معًا من أجل بناء لبنان الذي نستحقه.
إذا كانت أجيالنا السابقة قد سقت شجرة الأرز بدمائها، فإننا اليوم على العهد باقون، نعمل بإصرار حتى نروي هذه الأرض بالأمل والعمل. لبنان ليس مجرد وطن، إنه تاريخ، وهو مستمر بفضل كل لبناني يؤمن به، وبفضل كل لبناني مستعد للتضحية من أجل مستقبله.
نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لا يمكننا التفريط بها. فلتكن خطواتنا اليوم شاهدة على ما سنكتب في المستقبل. ولنكن جميعًا على قدر المسؤولية، لأن لبنان يحتاج إلينا، كما نحتاج إليه.
مع كل الدعم والإيمان،
الدكتور جيلبير المجبر