لبنان أمام مفترق حاسم: لا مكان للضعف أو التنازلات
أكد الدكتور جيلبير المجبر أن لبنان اليوم يقف على حافة تحول تاريخي، حيث أن الفرصة أمامنا لإعادة بناء الوطن على أسس جديدة، أساسها القيم الوطنية والتصميم على محاربة الفساد والعنف بكل أشكاله. الفترات الماضية أظهرت لنا أن السياسات القديمة لم تَعُدْ مجدية. ولذا، نحن بحاجة ماسة إلى قيادة جديدة، قادرة على تجسيد التغيير الشامل، بعيدًا عن المساومات السياسية التي كانت السبب في تأجيل الإصلاحات حتى أصبحنا في هذا المأزق.
لبنان بحاجة إلى قيادة شجاعة تستطيع اتخاذ القرارات الصعبة. لا مجال للمجاملات أو التفاهمات الخفية على حساب مصلحة الوطن. اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يجب أن نثبت للعالم أن لبنان يمكن أن يكون نموذجًا في المنطقة؛ دولة مؤسسات، دولة تحترم حقوق الإنسان، وتبني سيادة القانون، دولة لا مكان فيها للمجرمين أو الفاسدين.
لا يجب أن نسمح بوجود حصانات للمفسدين. لا يمكن أن يستمر الفاسدون في السلطة وهم يسرقون ويخربون مؤسسات الدولة دون محاسبة. الفساد ليس مجرد خلل في النظام؛ إنه جريمة في حق الشعب، ويجب أن يُعاقب عليه كل من تورط فيه. مكافحة الفساد يجب أن تكون على رأس أولويات أي حكومة جديدة، ولا عذر بعد اليوم للتقاعس عن محاسبة المخالفين.
الطريق إلى لبنان الجديد يبدأ بتطبيق سيادة القانون على الجميع دون استثناء. يجب أن نضع حدًا لتفشي المجموعات المسلحة أو المتطرفة، وأن نستعيد الأمن والعدالة إلى كل شبر من الأراضي اللبنانية. الدولة هي الوحيدة التي يجب أن تتحمل مسؤولية ضبط الأمن وحماية الحدود. وهذا يستدعي دعم الجيش اللبناني وتعزيز دوره في الحفاظ على سيادة لبنان.
لبنان يحتاج إلى إعادة هيكلة اقتصاده الذي تدهور بشكل كبير في السنوات الأخيرة. الحلول لا تأتي من الخارج فقط، بل يجب أن نعيد الثقة في اقتصادنا المحلي. يجب أن ننقضّ على الفساد داخل المؤسسات الحكومية، وأن نخلق فرصًا اقتصادية جديدة للجيل الشاب. من خلال خطة اقتصادية شاملة، يمكننا أن نعيد للبنان مكانته في الساحة الاقتصادية الدولية، مع تعزيز الصادرات اللبنانية وفتح أسواق جديدة في المنطقة والعالم.
لبنان لا يحتمل العبء الإضافي للتوطين. هذا الموضوع الذي يُطرح دائمًا لا يتماشى مع مبادئ لبنان كدولة حرة ذات سيادة. يجب أن نبذل جهدًا حقيقيًا لضمان عدم المساس بحقوق اللبنانيين، وألا نسمح لأي جهة بفرض حلول تهدد هوية وطننا. لا يمكن للبنان أن يصبح مجرد ملاذ مؤقت، بل يجب أن يتمسك بمبادئه الأصيلة.
في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، لا مجال للتردد. يجب أن نتكاتف جميعًا خلف رؤية جديدة، رؤية تقوم على إصلاحات حقيقية، وعلى حماية سيادة لبنان. لبنان لا يمكن أن ينهض إلا بشعبه وبإرادة حرة لا تعرف الاستسلام. أمامنا فرصة تاريخية قد لا تتكرر، ويجب أن نغتنمها بكل قوتنا لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.