السياسةالقانونمقالات

بين 9 و99: أرقام ترسم مشهد السياسة اللبنانية

بين 9 و99: أرقام ترسم مشهد السياسة اللبنانية

مجلة الاعتبار

في يوم التاسع من الشهر، عُقدت الجلسة المنتظرة لانتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية، لتنتهي بحصول المرشح المنتخب على 99 صوتًا. رغم أن الأرقام تبدو في ظاهرها مجرد حسابات انتخابية، إلا أنها تحمل في طياتها رمزية سياسية تعكس واقع لبنان المعقد وتطلعاته نحو المستقبل.

اختيار اليوم التاسع لعقد جلسة الانتخاب لا يمكن أن يُنظر إليه بمعزل عن رمزيته. الرقم 9، في سياقات متعددة، يمثل النهاية أو الاكتمال، لكنه في السياسة اللبنانية قد يكون إشارة إلى لحظة مفصلية: نهاية مرحلة من الجمود السياسي، وبداية أخرى مليئة بالتحديات. لبنان، الذي يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية خانقة، يقف عند مفترق طرق. اختيار الرقم 9 كموعد لهذه الجلسة يعكس الحاجة إلى حسم القضايا العالقة ووضع حدٍ لحالة الشلل المؤسساتي التي عطّلت البلاد لفترة طويلة. لكنه أيضًا يذكّر بأن الانتقال من “النهاية” إلى “البداية” يتطلب قرارات جريئة، وتوافقات غير تقليدية.

أما الرقم 99، الذي حصل عليه الرئيس المنتخب في التصويت البرلماني، فيحمل رمزية أعمق. هذا الرقم قريب جدًا من الكمال (100)، لكنه يفتقد “الوحدة” التي تمثل الإجماع الكامل. في السياسة اللبنانية، الرقم 99 هو تعبير عن شبه توافق، أو بمعنى آخر، إجماع ناقص يعكس واقع البلاد حيث الاتفاقات تتم دون حسم الخلافات الجوهرية. الرقم 99 يُظهر أن غالبية الكتل السياسية تمكنت من الاتفاق على اسم المرشح، لكن بقاء هامش صغير من الأصوات الغائبة أو المعارضة يشير إلى أن هذا التوافق لا يزال هشًا. النتيجة تؤكد أن المرحلة المقبلة ستواجهها تحديات كبرى، لأن الحصول على 99 صوتًا لا يعني أن القوى السياسية قادرة على حل الأزمات المتراكمة، بل ربما يشير إلى تأجيل صراعاتها إلى وقت لاحق. الرقم 99 يُذكّر بأن لبنان بحاجة إلى خطوات إضافية للوصول إلى “الوحدة الوطنية” الكاملة، خاصة في ظل الانقسامات التي تعصف بالساحة السياسية وتضعف مؤسسات الدولة.

التقاطع بين الرقمين 9 و99 في هذه الانتخابات يعكس صورة واضحة للواقع اللبناني: الرقم 9 يعبر عن لحظة فاصلة تتطلب الحسم والانتقال إلى مرحلة جديدة. الرقم 99 يُبرز الحاجة إلى توسيع التوافقات السياسية لتشمل الجميع، وضمان أن تتحول النتائج الانتخابية إلى خطوات عملية تعالج الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. اليوم، يواجه لبنان فرصة جديدة لكتابة تاريخه. فالتوافق الذي أنتج 99 صوتًا يحتاج إلى ترجمة على الأرض، عبر إصلاحات جذرية تعيد الثقة بين القوى السياسية والشعب، وتضع البلاد على طريق التعافي. الأرقام وحدها لن تصنع المستقبل، لكن القراءة الصحيحة لها قد تكون المفتاح لفهم مسار المرحلة المقبلة.

لبنان، كما هو دائمًا، في قلب معادلة معقدة. وما بين أرقام تحمل رمزية ودلالات، يبقى السؤال: هل هذه الأرقام هي بداية لمرحلة جديدة، أم مجرد مرحلة انتقالية جديدة في قصة لبنان الطويلة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى