السياسةمقالات

التسويات التي غالبا ما تأتي على حساب الشعب ، نحذر منها

دائرة العلاقات السياسية – قسم الإعلام
التسويات التي غالبا ما تأتي على حساب الشعب ، نحذر منها
غبطة البطريرك الكلي الوقار ، غالبا ما يحصل في جمهورية العام 1920 تغليب الأعراف على القانون والدستور واللذان يعتبران السلطة الأسمى في هذه الجمهورية التي كافح لأجلها سلفكم . إننا نتخوف مما يصلنا من معلومات تتداولها بعض الأوساط الدبلوماسية التي نلتقي بها هنا في فرنسا وهذا ما قاله لي بالحرف الواحد أحد الدبلوماسيين في الخارجية الفرنسية ” الجمهورية اللبنانية التي تقودها السلطة الحالية ستُدخلكم في تسوية مهمتها التغلُّب على الدستور وعلى الديمقراطية وعلى القانون وعلى إرادة شعبكم … وأنتم وقادتكم غير قادرين على إيقاف هذه الهرطقة الديمقراطية ، عليكم أن تفعلوا شيئا ” .
غبطة أبينا البطريرك ، مما لا شك فيه أنكم تعملون ما بوسعكم لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية ، ولكن أي رئيس تريدونه في هذه المرحلة ؟ هل الرئيس التوافقي ؟ (شكر) أو رئيس يحمل هموم الوطن داخليا وخارجيا بدعم حكومته المنسجمة والمتخصصة؟ هل تريدون رئيس يَخضعْ للإملاءات الخارجية ويتعدّاه الكل في الداخل والخارج ؟ هل تريدون رئيس تحكمه العمالة وتبديد مصلحة الدولة ومؤسساتها الرسمية والمدنية والعسكرية ؟ هل تريديون رئيس يُحاور الجميع برأس مرفوع ويستظل القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية اللبنانية ؟ أجوبة لم تجيبوا عليها منذ أن قررتم أن تتداولوا موضوع الشغور في رئاسة الجمهورية ، التداول الهامشي لا ينفع .
غبطة أبينا البطريرك ، كل ذلك غير مقبول في حد المنطق عظات ومواقف كلها في نفس السياق ” نريد إنتخاب رئيس جديد للجمهورية ” وتقف القصة هنا بدون إبداء أي جواب على ما فصلناه في الفقرة السابقة ، هيك الأمور ما بتمشي كن يا صاحب الغبطة صاحب موقف وتجرأ على توصيف ما يُراد من رئيس الجمهورية ، لن نقبل برئيس مُسيطر عليه من النظام السياسي القائم ، لن نقبل برئيس حيادي لا يقدّم ولا يؤثر في المعادلة ، هذا الرئيس مرفوض من قبلنا ومن قبل الشعب اللبناني .
غبطة أبينا البطريرك ، لا يختلف إثنان حول مفهوم الرئيس المنقذ ، الرئيس القوي ، الرئيس المخلص للوطن ، الرئيس المناضل الذي لا يهاب التهديدات ، الرئيس الذي لا يُساوم ولا يُساير ولا يتلوّن ، ولا يبيع ولا يرهن الوطن والشعب ، الرئيس المطلوب لا يُساوم على السيادة الوطنية ، الرئيس المطلوب يعزّز قدرات القوات المُسلحة اللبنانية عملاً بالقوانين المرعية الإجراء ، الرئيس المطلوب الذي لا يسمح لأي تدخل في شؤون لبنان الداخلية – الإقلمية – الدولية ، الرئيس المطلوب اليوم رئيس يحترم إرادة الشعب ويعمل على إعادة درس قانون للإنتخابات النيابية بدل البقاء على هذا المجلس المسخ الذي دعمتموه في الدورتين السابقتين .
غبطة البطريرك ، لن نقبل أن نُمنع من الحديث عن السلاح الغير شرعي ، لن نقبل أن يأتينا رئيس لا يستطيع منع إستعار الحروب من على أرضنا ، لن نقبل برئيس للجمهورية يُمنع من إبداء رأيه في جلسات مجلس الوزراء ، لن نقبل برئيس يحمي الفساد ويكون جزءًا من هذا الفساد الذي لوّث الديمقراطية ، وتغاضيتم عن تلويثها إما عمدا وإما ضعفا وإما عن سوء نية وإما عن جهل سياسي .
غبطة البطريرك ، أعذرني على صراحتي ولكني تعوّدتُ قول الحقيقة عملاً بما ورد في الكتاب المقدس : ” وتعرفون الحق ، والحق يحرركم “يوحنا الفصل الثامن الآية ، إما أن نتعلم تطبيق القانون والدستور والعمل على حمايتهما لنصبح نستحق هذا الوطن وإما نبقى على ما نحن عليه من سوء ؛ لكم يا صاحب الغبطة الخيار .
الدكتور جيلبير المجبر
جيلبير المجبٍّر

فرنسا في كانون الأول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى