الامتيازعهد جديد

في ذكرى استشهاد رفيق الحريري: لبنان بين الخيانة والقيامة

في ذكرى استشهاد رفيق الحريري: لبنان بين الخيانة والقيامة

في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، نستذكر رجلًا لم يكن مجرد رئيس حكومة، بل كان رمزًا لرؤية وطنية أرادوا دفنها معه. لكنه، كما كل القادة العظماء، كان يحمل حلمًا لا يموت، حلمًا لُدِّنت فيه آمال وطن بكامل أبنائه. حاولوا اغتيال الحلم معه، ولكن الأوطان لا تُقتل، والحلم لا يُغتال. لبنان الذي حلم به الحريري سيظل حيًّا في قلوب كل الأحرار، ولن يكون لقمة سائغة للمتآمرين عليه.

اليوم، وبعد سنوات من اغتياله، أين نحن؟
لبنان لم ينهض، بل سقط في أعمق أزماته. لم يكن هذا السقوط بسبب مؤامرة خارجية فقط، بل بسبب منظومة فساد داخليّة عملت على تدمير كل أساسات الدولة. فقد تآمرت هذه المنظومة ضد لبنان والشعب اللبناني بكل ما أوتيت من قوة، وحوّلت الوطن إلى مسلسل فشل دائم، وسلطة لا تعرف سوى لغة المصالح الضيقة. طبقة سياسية تبيع الوهم لشعبها، وتعده بالإصلاح، بينما تغرقه أكثر في الجوع والفقر والانهيار.

لكن اليوم، لبنان أمام فرصة جديدة. اليوم، لدينا رئيس جمهورية جديد وحكومة، رئيس وزراء جديد، ورجال ونساء مخلصين يملكون الإرادة والتفاؤل لبناء لبنان آخر. هذا التغيير، هذا الأمل الجديد، يجب أن يكون فرصة تاريخية لنا جميعًا للوقوف بوجه الفساد والفشل. أيها الرئيس، أيها الوزراء، أنتم الأمل اليوم، ونحن معكم!

سمعنا كثيرًا عن خطط الإنقاذ التي وعدنا بها أصحاب السلطة، سمعنا عن إصلاحات لم تأتِ أبدًا، وعن تفاوض مع صندوق النقد الدولي بينما الحقيقة أن لا شيء يحدث سوى مزيد من التضليل. لبنان لم يعد يحتمل المزيد من الأكاذيب والتلاعب. حكومات فاسدة على مر العصور دفعت البلاد إلى الحافة، لكن اليوم مفاتيح الحل بين أيدينا.

لكن السؤال الأكبر: هل نستسلم؟
من قتلوا الحريري أرادوا قتل لبنان، ومن سرقوا الدولة أرادوا تركيع شعبها، لكن هل نمنحهم هذا الانتصار؟ لا وألف لا. إذا كان الماضي مليئًا بالخيانة، فإن المستقبل يجب أن يكون مليئًا بالمحاسبة، بالعدالة، وبالتحرير. إذا كانوا يعتقدون أن الحكم مزرعة، فنحن نقول لهم: لبنان لن يكون مزرعة لأحد!

إن ذكرى استشهاد الحريري ليست لحظة حزن فقط، بل هي لحظة غضب وثورة. لحظة مواجهة حتمية. نحن لا نحتاج إلى كلمات فارغة، بل نحتاج إلى أفعال حقيقية تقف في وجه الفساد، وتزيل الطغاة، وتعيد للمواطن اللبناني كرامته وحريته. فإما أن نستعيد لبنان من قبضتهم، أو نبقى عبيدًا في وطن ينهار تحت أقدامهم.

اليوم، نراهن على الرئيس الجديد، على الحكومة التي تنتظرها تحديات كبيرة. إياكم أن تتراجعوا أو تستسلموا للضغوطات. لبنان بحاجة إليكم اليوم أكثر من أي وقت مضى. هذا بلدكم، هذه حريتكم، وهذه كرامتكم. لا تنتظروا أحدًا لينقذكم، كونوا أنتم الثورة، كونوا أنتم التغيير. نحن لا نحتاج إلى وعد جديد، نحن بحاجة إلى أفعال حقيقية تُعيد بناء لبنان على أسس العدالة والمساواة.

لبنان لن يُباع، لن يُسرق، ولن يُهزم. سننهض، رغم أنف الفاسدين، رغم أنف من يظن أن لبنان لن يعود كما كان. نحن لن نسمح بأن تُسلب منا أرضنا وهويتنا، سنواصل القتال حتى نرى لبنان على القمة مرة أخرى.

لبنان سينهض من جديد، ومن يقف في طريقه سيُجرف.

الدكتور جيلبير المجبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى