
الشرعية الدولية وحقوق الشعــوب
في وطن شلّعته الحروب وعّم فيه الفساد وإستشرى في داخله حملة السلاح الغير شرعي ، ووفقا للأعراف الدولية هناك حقوق إنسان من المفترض أن يتمتّع بها كل فرد لحماية نفسه ضد أي عمل يعكر مشيئة السلم والمجتمع ، وهذا هو الإطار السليم لأي منظومة سياسية تحكم وفقا للأصول الديمقراطية وهي الشرط الأول لأي منظومة سياسية تتمتع بالشرعة الشعبية المستمدة من القوانين والدستور .
لمسألة حقوق الشعب اللبناني ومنه أأمنه وحريته وعدالته الإجتماعية الدور البالغ الأهمية في نشأة النظام السياسي اللبناني وفيه الكثير من القوانين والأعراف التي من الواجب تطبيقها على صعيد ممارسة النظام وإلاّ إعتبر القيّمون على النظام مقصرون وغير قادرون على الإستمرار في هذه المسؤولية. إنّ حماية المواطنين وتدبير أمورهم أمرا مهما لا بل رئيسيا ومن خلال هذه المفاهيم المطلوبة من القيمين على النظام السياسي فرضت العدالة والمساواة والكرامة والإحترام التطبيق الملزم لكل رجل سياسي وفي الطليعة أي سياسي يدخل البرلمان بصفة نائب مشرع .
في لبنان هناك مشاكل جمّة وخطيرة ، هناك عدم تطبيق النظام بما يشمل القوانين الداخلية والدستور والقرارات الدولية ذات الصلة كما أن هناك تقصيرا من قبل الأجهزة السياسية الرسمية في ممارسة الحقوق والواجبات وهذا التقصير سمح لبعض الدول منها ، الإقليمية ومنها الدولية القول ما حرفيته : ” لا يمكننا الإعتراف بنظام سياسي لا يرعى حقوق الإنسان لشعبه ، ولا يحمي سيادته الوطنية بما يتطابق والقانون الدولي…” . الجمهورية اللبنانية ومنذ إتفاق الطائف ( ملاحظة إننا نعطي رئاسة الجمهورية الحالية برئاسة العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة القاضي نوّاف سلام وحكومته ، العفو من هذا الإلتزام لحين تبيان الأبيض من الأسود) خالفت معاهدة مونتيفيديو ” Montevideo Convention on the Rights and Duties of States ” علما أنه تم تبنّيها بمثابة أول إعلان سلطوي ومن أهم ما أعلنته هذه المعاهدة هو أنّ الإستقلال السياسي للدول يختلف عن الإعتراف بها حيث الإعتراف هو مجرد القبول بشخصية الدولة وإن جميع الدول تقع على قدم المساواة قانونيا مع بعضها البعض.
إن طبيعة النظام السياسي اللبناني وكثرة الازمات التي يعيشها حاليا وتغير طبيعة الانظمة المحيطة به ومشاكل هذه الأزمات تؤدي إلى العديد من المشاكل ومنها على سبيل المثال قضية إحتلال إسرائيل بعض أجزاء من الجنوب اللبناني ،وهذا الأمر الخطير كان نتيجة الحرب التي شنها حزب الله تحت مسمى “دعم غزة”،إضافة إلى تغيير الإدارة الأميركية وبدء مرحلة جديدة من السياسة الأميركية مع الرئيس ترامب … إنطلاقا من كل ذلك لم يعد التحدي الوحيد كما كان سابقا ، فالنظام السياسي الحالي وجد نفسه أمام معضلة الإحتلال الإسرائيلي وما جرى من إتفاقات بين الإدارة الأميركية القديمة وحكومة الرئيس ميقاتي والإلتزام الخطي الذي أتى عبر إتفاقية وقف إطلاق النار وتبعاتها …
هذه التحديات التي يواجهها النظام السياسي اللبناني يفترض بالشرعية الدولية أن تتعاطى مع النظام الحالي ضمن أسلوب دبلوماسي مرن لحفظ حقوق اللبنانيين السيادية ولحفظ حقوق الشعب اللبناني كي لا يتعرض مرة ثانية لضغط الحروب والقتل والتدمير . المطلوب اليوم سيادة وطنية على كامل التراب الوطني مجسدا بالنظام السياسي الحالي وبواسطة قواه الشرعية الذاتية بضمانة مفهوم قواعد القانون الدولي العام .
من حق اللبنانيين ممثلين بنظامهم السياسي الجديد أن يتحقق الإستقرار السياسي والإنتعاش الإقتصادي وقيام دولة القانون والمؤسسات ونشر سلطة الدولة على كامل التراب الوطني وحذار البيانات الإنشائية التي لا توصل إلاّ إلى الخراب. الشرعية الدولية مطالبة بالدعم المادي والمعنوي للدولة اللبنانية ، وحقوق الشعب في إنتظار إتمامها على أكمل وجه من كلا الطرفين .
الدكتور جيلبير المجبِّرْ