الامتيازعهد جديد

حين تسقط المعرفة ويعلو التطبيل: زمن اختلال الموازين بقلم الدكتور جيلبير المجبر

حين تسقط المعرفة ويعلو التطبيل: زمن اختلال الموازين
بقلم الدكتور جيلبير المجبر

في زمنٍ كان من المفترض أن يكون فيه العقل سيد الموقف، والمعرفة هي الطريق نحو المستقبل، نجد أنفسنا أمام واقعٍ مقلوب، حيث يُقصى المفكر، ويُهمَّش العالِم، بينما يتصدر المشهد أصحاب الضجيج والسطحية.

صورة تختصر حال الواقع

تأملوا هذه الصورة جيدًا: مكتبة سقطت، تناثرت الكتب أرضًا، بينما بقيت الطبول صامدة في الأعلى. مشهدٌ ليس مجرد صدفة، بل انعكاسٌ دقيق لما نعيشه اليوم. فالمعرفة، التي يفترض أن تكون أساس التقدم، تُهمّش وتُسقط، بينما التطبيل، الذي لا يحمل أي قيمة حقيقية، يبقى ثابتًا، بل ويعلو شأنه.

في مجتمعاتٍ بات فيها التملق مفتاح النجاح، والضجيج معيار التفوق، أصبح من الطبيعي أن يُحارب الفكر الحر، ويُكافَأ من يجيد التصفيق بدلاً من من يجيد الإبداع والبناء.

جيلبير المجبر: دعوة لاستعادة القيم الحقيقية

لطالما أكد الدكتور جيلبير المجبر أن المجتمعات التي تستبدل المثقف بالمُطبل، لن تحصد سوى الانحدار. فالحضارات لا تُبنى على التزييف، بل على الفكر النقدي والعلم والابتكار.

في عالمٍ أصبح فيه الصوت العالي وسيلة للهيمنة، باتت الحقائق تُطمس، والمبادئ تُشترى، والأقلام تُكسر إن لم تكتب وفق هوى أصحاب النفوذ. لكن، هل يمكن أن يستمر هذا الوضع للأبد؟

متى يدرك الناس الحقيقة؟

ليس غريبًا أن نجد اليوم الكثير من العقول النيرة تفضّل الصمت، ليس عن عجز، ولكن لأن هذا الزمن لم يعد يتسع لأصحاب الفكر المستقل. ولكن مهما ارتفع الضجيج، يبقى الفكر الحقيقي أقوى، والتاريخ لم يخلّد أبدًا المُطبلين، بل أولئك الذين غيروا مجرى الحياة بعلمهم ورؤاهم.

رسالة أخيرة: لا تكن جزءًا من القطيع

إلى كل من لا يزال يحمل في داخله نور المعرفة: لا تستسلم. قد تهوي الكتب للحظة، لكنها ستنهض من جديد، لأن الحقيقة لا تموت. أما الطبول، فمهما علا صوتها، ستظل فارغة، وسيأتي اليوم الذي يُدرك فيه الجميع أن التطبيل لم يكن يومًا طريقًا للنهضة، بل كان دائمًا طريقًا نحو الانحدار.

اختر أن تكون صاحب فكر، لا مجرد صدى في جوقة المطبلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى