الامتيازعهد جديد

الإقصاء السياسي في لبنان

الإقصاء السياسي في لبنان
كما تجـري العادة كل أسبوع ألتقي دبلوماسيا غربيا في مكتبي للتداول في أمور وطني ، وتبيّن لي أن ضيفي مُلِّم بالتفاصيل المُملة للوضع السياسي اللبناني وكأنه حاول إفهامي وبلغة الدبلوماسية المعهودة أردف قائلا لي ” مفهوم الإقصاء عندكم في لبنان يتجلّى في تهميش بعض السياسيين وهذا الأمر يعني حرمانهم حقوقهم أيا كانت تلك الحقوق وهذا أمر يُخالف القواعد الديمقراطية والشرع والقانون وهو أصل الفساد …”
نفهم من المنطق الدبلوماسي أنه لا يمكن لأي مرجعية سياسية مهما علا شأنها ، ومن خلال متابعتنا الحثيثة لأوضع لبنان لا يمكن لإدارة مكتبنا في لبنان وعالم الإنتشار أن تقبل بإقصاء أي مرجعية سياسية سواء أكنا نتوافق معها في الرأي أو نخالفها . إنّ أي إقصاء لأي مرجعية سياسية لبنانية هو مخالفة دستورية وقانونية لمعاقبة أي مرجعية تخالف الأخرى في الرأي . إن أي مسعى لإحجام أي فريق عن الممارسة السياسية هو عمل مُدان .
إننا كمرجع سياسي لبنان مغترب ومقيم نرفض رفضا قاطعا المساس بأي مرجعية سياسية بل نرفض المس بأي معتقد سياسي يتطابق مع النظام الديمقراطي ولا يُخالف أبسط القواعد الدستورية المعتمدة ولا يُخالف مبدأ حقوق الإنسان وشرعته . لا بل لا يمكن أن نقبل مشروعا إقصائيا يحرم مجموعات سياسية من المشاركة في العمل السياسي .
في هذه المرحلة وإستنادا لما يرد من بيروت العاصمة يتنامى لدينا أو بصريح العبارة نشعر بخطـر الإنتقام الذي يُنتهج من قبل بعض المراجع لناحية إقصاء مرجعيات سياسية لمجرد الإختلاف في الرأي ولا علاقة لها بالعمل السياسي الأمر الذي يجعلنا نتساءل: أليس من رجل حكيم سواْ أكان رجل دين أو رجل سياسي علماني رشيد وحكيم ويصلح ما بين أبناء السياسة الأقل لمصلحة الوطن ووحدته ؟!
أين نحن من الديمقراطية الفكرية السليمة ؟ هل نحن في ديكتاورية فكرية تُمارس ؟ أين نحن من المحبة والسلام؟ هنا مرحلة دقيقة. الإقصاء السياسي ممنوع وليس بالأمر المستغرب ولا هو بجديد ونحن نرى وغيرنا يرى خصومة بعضنا للبعض الأخر إنها مرحلة الخطــر والحقد والكراهية . وهنا علينا أن ننتبه جيدا إلى هذه الظاهــرة قبل فوات الأوان وإعادة الأمور إلى نصابها ووضعها الطبيعي حيث تسود الإلفة والمحبة والتحاور مع الآخر حتى لا نصل إلى مراحل الندم والإنشقاقات لأن الأمور ستنفجـر وستخرج عن إرادة الجميع .
الإقصاء أيها الإخوة نهجه صعب ومرفوض ويمنع فئات سياسية من ممارسة الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية ، وهذه الخطوة إن أكملنا فيها ستعيق حتما المشاركة الفعالة في المجتمع وستؤثر سلبا على التنمية . وستوصلنا إلى التمميز والحرمان والإضعاف . وفقا للإتصالات التي نجريها في مكتب بيروت إن إقصاء مكون سياسي عن الدولة سيقودنا إلى حواجز سياسية إقتصادية إجتماعية تمنع بعض المكونات اللبنانية السياسية من التمتع بحياة سياسية سليمة لأنّ الإقصاء لا يطال الساسة فقط بل يطال الناس الأبرياء .
في حالة الإقصاء كما يردنا وكما سمعنا من الدبلوماسي الصديق وفي حال لم يضع له ضوابط وفي حالة الإستمرار سوف يؤثر على محاولات الإصلاح في البلاد … وإننا نتساءل مع كل الغيارى حول تداعيات هذا الإقصاء على الوضع العام في البلاد ، وفي لب المشكلة نقول وبالإستناد إلى أكثر من مراجعة وننقلها حرفيا : ” إن الإقصاء ضربة قوية لأي حديث عن تحقيق المصالحة الوطنية وفي حالة إستمرار الإقصاء سوف يُسهم في تأزيم المشهد السياسي عبر تغليب رغبات البعض في التشفي على مشروع المصالحة الوطنية لإستقرار البلاد ” هل من يسمع ما نقوله ؟!

الدكتور جيلبير المجبِّرْ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى